ثقافة وفن

تجارب لوجه اخر

تتراوح تجارب الحب بين عذوبة الفراشات وحرارة النجوم، وفي إطار تلك الثنائية تعيش زهرة الحب العملاقة، التي تلفظ الشغف بكل قوتها وألوانها الجذابة، لكنها تظل بلا جذور. بداخلها شرايين تشع بالحياة، ولكنها تعيش في حالة من الانفصال، حيث تظل معزولة في صحراء من المشاعر المتناقضة، تفتقر إلى الارتباط الحميم مع الأرض. كلمات العشق تمتزج مع أفكار الوجد في غمرة من العزلة الروحية، فتطفو في الفضاء، تتسلل بين شقوق الروح، تلعب دور الملامس في تلك الثنائية القاسية. العشق، ذلك الاشتعال الفيزيائي، يأتي ويذهب مثل عاصفة عابرة، يشعل الجسد وينفجر، بينما الوجد يعيش في عمق الأبعاد، متسرباً إلى ما وراء حواجز الوجود. تتوهج في رؤيتنا تلك الزهرة الشائكة، تلك الصبارة السامقة، كرمز لجوانب متناقضة في الحب؛ حيث تكون جافة وقاسية، لكنها تفيض بجمال فريد. مقاومة لكل شيء خارجي، تنمو من ذاتها، لا تحتاج إلى ماء بارد من الخارج، بل تسحب رحيق وجودها من الألم، من شرايين ذكرياتها القاسية، لتكتشف داخلها سر الوجود. تحت ظلال تلك الزهرة، نتساءل: هل قسوة الحب وضعف الوجدان هو نقيض العاطفة؟ ربما هو توأمها، حيث العشق يمر بحرقته وسرعته، والوجد ينغمر في بحور الألم والحنين. وكأنهما يتعاقبان على مسرح الحياة، يكتب كل منهما سطوره بمداد من الشوق والأمل. وفي داخل كل منا، تظل هذه الزهرة تربي أفكارها العميقة: هل يمكن أن نستمر في العطاء دون احتياج؟ أم أن الحب يستلزم جذوراً خفية، تتشبث بالأرض وتغذي الروح بفهم عميق للعلاقات الإنسانية؟ إنها رحلة للقلب، تتراءى فيها زهرة الحب العملاقة، تحمل ضوء الأمل، وتظل شائكة، تدافع عن نفسها، وتعكس ظلمة الليل في سحرها المتألق. في هذه الثنائية، نخوض تجارب وجودنا، بين العشق والوجد، نكتشف في كل لحظة أن الحياة هي مفتاح كل أغنية.

قتيبة حسين علي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى