* تعرف البعد بالقرب *

في زوايا الروح اللامتناهية، تجد نفسك تسائل الوجود، بين الكثافة والفراغ. يصرخ البعد بأقرب المسافات، ويرتدي القرب عباءة الغموض. هل هو سرٌ من الأسرار أم فخٌ من الفخاخ؟ عندما قيل لي: “تعرف البعد بالقرب”، تملّكني شعور بالخوف، كأني أسير في متاهة من الأضداد التي تتراقص حولي. في تلك اللحظة، مرّ شريط من الذكريات الحبيبة، حيث علموني أن الأشياء تتميز بضدها، ولكن كيف يمكن أن نعرف القرب دون بُعد، أو البُعد دون قرب؟ أليس في هذا تناقضٌ يدفعني للتساؤل؟ لم أكن أبحث عن كيف، بل عن لماذا. لماذا أدعوني أن أتعرف على هذا المفهوم العجائبي؟ إلا أنه، بيقينٍ، جئت إلى تلك الحقيقة الزمنية. كنت أرى الوجود في رحابك، حيث يصبح البعد قرباً، والقرب عمقاً. سارت بي الكلمات، كأنها نوافذ مفتوحة على الفضاء، ترشدني نحو معرفة جديدة. هنا أدركت: “القرب ليس مجرد مسافة، بل هو عمق الوجود.” أنت، الذي تُحيطنا برحابة وجودك، كيف تشعرنا بأن قربك يدفعنا نحو البعد؟ كيف يمكن لمفهوم النهاية أن يتلاشى عندما نعيش في عالم لا ينتهي؟ يصبح كل ما يتحدانا بداية جديدة، تنسج قصصاً لا حصر لها، تفتح أبواب الأمل والغموض في آن واحد. ابتسمت، حيث أدركت أن المنتهى لا يُعرف، بل هو بداية الإبداعات المتجددة، في زمان يتلوث بالتساؤلات، حيث لا حدود لمدى القدرة على الاستمرار. لنكتشف الأبعاد الجديدة في ذواتنا، لنرسم إطاراً مستقيماً من العلاقات التي تربط بيننا. وتجدد، بواسطتك روح الألفية الجديدة، لأنها ليست – كما يظن البعض – نهاية، بل بداية تُعيد صياغة الحياة من جديد.

قتيبة حسين علي