يسر الدين وسهولة تكاليفه

يسر الدين وسهولة تكاليفه أخرج الامام البخاري في صحيحه عن ابي هريرة رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال ( إن الدين يسر ، ولن يشاد الدين أحد الا غلبه ، فسددوا ، وقاربوا ، وأبشروا ، واستعينوا بالغدوة والروحة وشيء من الدلجة ) إن من مميزات ديننا الاسلامي ، وشريعتنا الالهية السمحة ، إنها سهلة الاحكام والتكاليف لم تلزم اتباعها شططا ، او تكلفهم ما لا يطيقون . وهذا ما أراده النبي صلى الله عليه وسلم بقوله : ( ان الدين يسر ) اي لا مشقة في تكاليفه ، ولا صعوبة في أحكامه على حد قوله تعالى : ” يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر”.بخلاف غيره من الاديان السابقة فإنه كان فيها ذلك كقتل النفس في التوبة ، وقطع موضع النجاسة وغيرهما من الاحكام الشاقة على ما اشارت اليه الآيات الكريمة كقوله تعالى : “فتوبوا الى بارئكم فاقتلوا انفسكم ” . فأمر سبحانه للتحرر من الذنب والتخلص من الخطيئة بقتل النفس لقبول التوبة ، فكان ديننا سهلا لا حرج فيه ولا صعوبة على ما أشارت اليه الآية الكريمة بقوله تعالى : ” وما جعل عليكم في الدين من حرج ” وما كلف الله جل شأنه عباده من هذه الامة الا بقدر وسعهم وطاقتهم ” لا يكلف الله نفسا الا وسعها ” ، ووصف الله نبيه صلى الله عليه وسلم بقوله : ” ويضع عنهم أصرهم والاغلال التي كانت عليهم ” ومما علمنا ان ندعو به سبحانه كما في القرآن الكريم ” ربنا ولا تحمل علينا اصرا كما حملته على الذين من قبلنا وربنا ولا تحملنا ما لا طاقة لنا به ” وفي الحديث قال الله : قد فعلت . ومما يزيد هذا المعنى الذي نحن بصدده ما جاء في حديث الامام البخاري عن عائشة رضي الله عنها ان النبي صلى الله عليه وسلم دخل عليها وعندها امرأة فقال من هذه قالت فلانة تذكر من صلاتها قال : مه عليكم بما تطيقون فوالله لا يمل الله حتى تملوا . وكان احب الدين اليه ما داوم عليه صاحبه وإن قل ، بان لا يقطعه الا بعذر لان المداومة على القليل تستمر الطاعة ، بخلاف الكثير فانه لمشقته ربما اوجب القطع فيكون معرضا عن الله تعالى ، وربما ينمو القليل الدائم حتى يزيد على الكثير المنقطع أضعافا كثيرة . ولهذا طلب النبي صلى الله عليه وسلم سلوك الطريق الوسط الذي لا افراط فيه ولا تفريط مبينا الاوقات المناسبة المنشطة للعبادة المرغبة فيها بقوله : ( ولن يشاد )اي يغالب ( الدين احد الا غلبه )واذا كان الامر كذلك ( فسددوا ) من السداد وهو التوسط في العمل اي الزموا السداد وهو الصواب من غير افراط ولا تفريط ، ( وقاربوا ) اي قاربوا العبادة ولا تباعدوا فيها فانكم ان باعدتم في ذلك لم تبلغوه ، او ان لم تستطيعوا الاخذ بالاكمل فاعملوا بما يقرب منه ، ( وابشروا ) بالثواب على العمل وان قل ( واستعينوا بالغدوة ) سير اول النهار (والروحة )السير بعد الزوال ( وشيء من الدلجة ) سير آخر النهار ، وقيل سير الليل كله . وكأن النبي صلى الله عليه وسلم يقول : استعينوا على مداومة العبادة والتعرض لنفحات الله بايقاعها في الاوقات المنشطة ، فاستعار الغدوة والروحة وشيئا من الدلجة لاوقات النشاط وفراغ القلب للطاعة ، فان هذه الاوقات اروح ما يكون فيهاالبدن للعبادة . ولما كانت الصلوات الخمس المفروضة افضل طاعات البدن فهي تقام في هذه الاوقات الثلاثة ، فالصبح في الغدوة ، والظهر والعصر في في الروحة ، والعشاءان في جزء من الدلجة . ولا يسع المسلم إزاء هذا الدين السهل الا الشكر والحمد على ما اولاه الله من نعمة ، وما ساق اليه من خير وفير ، وكأني بكل مسلم وهو يبتهج ويقول : رضيت بالله ربا ، وبالاسلام دينا ، وبسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم نبيا ورسولا .
المؤلف : الشيخ قاسم الشماعي الرفاعي

الكاتب :لميس الرفاعي