مجتمع وحياة

العنوسة في لبنان وأثرها على المجتمع:

العنوسة في لبنان: واقعٌ اجتماعي وأثرٌ متزايد

تُعدّ العنوسة من القضايا الاجتماعية البارزة في لبنان، والتي باتت تشكّل ظاهرة لها أبعادها النفسية، الاقتصادية، والثقافية. فمع تغيّر الأوضاع المعيشية وازدياد التحديات اليومية، ارتفعت نسبة الشبان والشابات الذين يتأخرون في الزواج، مما أفرز تداعيات واضحة على المجتمع اللبناني. أسباب العنوسة في لبنان الوضع الاقتصادي: يعاني لبنان من أزمات اقتصادية خانقة جعلت الزواج مسؤولية مالية صعبة. تكاليف السكن، الحفلات، والمستلزمات الأساسية للحياة الزوجية باتت تفوق قدرة شريحة كبيرة من الشباب. الهجرة: يبحث العديد من الشباب عن فرص أفضل في الخارج، مما أدى إلى انخفاض فرص التعارف الجدي للزواج داخل البلد. تغيّر المفاهيم الاجتماعية: باتت بعض النساء تُفضّلن الاستقلال والعمل وتحقيق الذات قبل التفكير في الزواج، ما أدى إلى تأخير سن الزواج. الضغوط والتوقعات: النظرة التقليدية للزواج والمبالغة في متطلبات الشريك المثالي، تسببت في عزوف البعض عن الارتباط أو تأخيره. الآثار الاجتماعية الوحدة والضغوط النفسية: يعاني العديد من الأشخاص من الشعور بالوحدة، والقلق من نظرة المجتمع، ما يؤدي إلى اضطرابات نفسية أو حتى اكتئاب في بعض الحالات. تراجع النمو السكاني: ارتفاع نسبة غير المتزوجين ينعكس سلباً على معدلات الولادات، مما يؤثر على التوازن السكاني في المدى البعيد. تغيّر بنية الأسرة: تراجع عدد الأسر الجديدة، وارتفاع عدد الأفراد الذين يعيشون بمفردهم، يضعف الروابط العائلية ويؤدي إلى نوع من التفكك الاجتماعي. انتشار الظواهر البديلة: قد تلجأ بعض الفئات إلى علاقات غير رسمية أو أنماط حياة بعيدة عن الإطار التقليدي للأسرة، ما يولد جدلاً قيمياً وثقافياً في المجتمع. الحلول المقترحة دعم الشباب اقتصادياً من خلال برامج الإسكان والقروض الميسّرة للزواج. تعزيز التوعية لتغيير النظرة النمطية للزواج والتركيز على التفاهم والواقعية بدل الكماليات. إنشاء مبادرات مجتمعية تتيح فرص تعارف جدي ومحترم ضمن أطر اجتماعية وثقافية. تمكين المرأة اقتصادياً واجتماعياً، بما يعزز من قدرتها على اتخاذ قرار الزواج من منطلق قوة لا من ضغط اجتماعي. العنوسة في لبنان ليست مجرد رقم أو ظاهرة، بل هي انعكاس لأزمة أعمق تتعلق بالاقتصاد، والثقافة، والعلاقات الاجتماعية. التصدي لهذه الظاهرة يتطلب تفهماً، وعياً جماعياً، وتدخلاً عملياً يفتح الأفق أمام الشباب لبناء مستقبل مشترك في وطنٍ يُؤمن بقدراتهم، ويؤمّن لهم مقومات الاستقرار.

Hiam Al-Rifai

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى