الهويه الوطنية و راحة الضمير

تضميد جراح حبيبي العراق الكثيرة والعميقة تتضمن إصلاح البعد الأخلاقي للهوية الوطنية في إطار مؤسساتي وبنيوي عام وليس في الإطار الوعظي التقليدي السائد الآن لسوء الحظ اننا نعيد انتاج المشكلة بدلاً من المساعدة على حلها… عندما تترسخ قيمة الصدق والعدالة في الهوية الوطنية لأفراد شعبنا بصورة عامة ،من المنطقي أن يتجنب الفرد الكذب والخداع في كل تعاملاته سواء كان فرداً عادياً أو موظفاً عاماً أو تاجراً غنياً، أو زعيماً حزبياً أو خصماً سياسياً يُفترض ان توفر هذه البوصلة الاخلاقية، عندما تكون فاعلةً وحيةً، تناسقاً عاماً في سلوك الفرد في أوجه الحياة المختلفة… عبارة (راحة الضمير) الشائعة محلياً هي تعبير شعبي دقيق عن حيوية الضمير الأخلاقي الفردي وقدرته على ضبط الاندفاعات والانزلاقات السلوكية التي تناقض الضمير، الناشئة غالباً عن هيمنة الأبعاد الأخرى في الهوية الوطنية في إطار صراعات المصلحة وتفاعلها التي تدور حولها معظم تجارب الحياة… الوظيفة الطبيعية في (راحه الضمير) تصدر منها الهوية الوطنية المستقرة وبذلك تتولى المهمة الإشرافية على كامل افعال الشخص ،أي توفير بوصلة أخلاقية تقود أفعال الشخص وتحددها كي تجعلها متسقة مع عموم هوية الشخص في سياق تفاعل الأبعاد المختلفة فيها، الدينية والسياسية والمهنية والاقتصادية والعاطفية وغيرها… اخواني الأعزاء الهوية الوطنية المستقرة تفاعلية وليست جامدة أو ميكانيكية بمعنى اخر إنها ليست ثابتة ودائمة بأبعاد متساوية وإنما هي ديناميكية،أي في حالة تفاعل مستمر بين الأبعاد المختلفة على أساس التجارب والمعطيات والمصالح العليا للوطن والشعب وتحارب تجارب اختبارات التخلف والجهل والطائفية والتبعية … في اختبارات مرت بها الهوية الوطنية والضمير الأخلاقي التي شهدها العراق منذ 2003 فشل الساسة والشعب على نحو فادح ومتكرر حتى تحول فشلنا إلى مشكلة بنيوية عميقة عامة يعاني منها مجتمعنا بأكمله.

د.محمد صالح العويسي