مجتمع وحياة

دور القوى الأمنية في حماية النساء المعنّفات

في ما يخص دور القوى الأمنية، تؤكد المصادر الأمنية أنه “خلال فترة الحرب، ومع تزايد فترات بقاء الأشخاص في داخل المنازل، ارتفعت معدلات العنف الأسري، وتلقت قوى الأمن الداخلي عددًا من الشكاوى التي استجابت لها وفقًا للقوانين والتعليمات السارية، مع إعطاء الأولوية للحالات الطارئة”. وتشير المصادر عينها إلى أن “المزاعم حول تقاعس القوى الأمنية عن حماية النساء خلال الحرب غير صحيحة. فقوى الأمن الداخلي تعاملت مع كافة النداءات الواردة إليها من دون تأخير، وخصصت خطًا ساخنًا (1745) للتبليغ عن حالات العنف الأسري، مع إعطاء هذا الموضوع اهتمامًا خاصًا من خلال التدريبات والتعليمات المناسبة. إضافة إلى ذلك، لم ترد أي بلاغات حول تقاعس عناصر القوى الأمنية، مع وجود خط ساخن آخر (1755) تابع لوزارة الداخلية والمفتشية العامة لمراقبة هذا الأمر”. أما في ما يتعلق بالدخول إلى أماكن ذات خصوصية أمنية مثل الملاجئ، فتضيف “إن قوى الأمن الداخلي تمتلك صلاحية شاملة على كامل الأراضي اللبنانية. عند ورود أي شكوى من هذه الأماكن، تمارس القوى الأمنية صلاحياتها الكاملة وفق مقتضيات المهمة، من دون أن تشكل هذه المواقع عائقًا أمام التدخل أو التنفيذ”. العنف بالأرقام في لبنان والعالم تزايد وتيرة العنف خلال الحرب يفتح الباب على أزمة أوسع وهي استمرار تعرض النساء للعنف الأسري على مدار السنة، على الرغم من نشر التوعية وتفعيل آليات تقديم الشكاوى ووجود قوانين حماية. فبالأرقام، وبحسب منظمة أبعاد، وحتى تشرين الأول 2024، تم الإبلاغ عن 623 شكوى تتعلق بالعنف الأسري في لبنان عبر الخط الساخن 1745، منها 525 حالة عنف جسدي، و90 حالة عنف معنوي، و3 حالات عنف جنسي، فيما كان لافتاً أن العدد الأكبر من المعتدين كان من الأزواج والآباء. هذا الأمر ليس محصورًا بلبنان بطبيعة الحال، إذ أظهرت البيانات المتاحة التي جُمعت في تقرير بعنوان “جرائم قتل الإناث في عام 2023″، من إعداد كل من هيئة الأمم المتحدة للمرأة ومكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة أنه على مستوى العالم، قُتلت 85 ألف امرأة وفتاة عمدًا في عام 2023. وارتُكبت 60 في المئة من جرائم القتل هذه (أي 51 ألفاً) على يد شركاء حميمين أو أفراد آخرين من الأسرة. وأوضح التقرير بأن 140 امرأة وفتاة تموت كل يوم على أيدي شريك لهن أو أحد أقاربهن المقربين، مما يعني مقتل امرأة واحدة كل 10 دقائق. انطلاقًا من هذه الأرقام يمكن تسليط الضوء على التحديات التي تمر بها النساء وصعوبة التبليغ عن العنف، خاصة في ظل عدم وجود ملاجئ كافية أو إجراءات كفيلة بحمايتهن من التعرّض للإساءة مجددًا، ليبقى السؤال الأهم من يحمي النساء؟

دور المنظمات غير الحكومية

ضمن آليات الحماية، وفي ظل تزايد حالات العنف ضد النساء في لبنان، خاصة خلال الحرب، تقوم منظمة أبعاد بالتنسيق مع مختلف الجهات لضمان وصول الناجيات إلى خدمات الحماية والدعم النفسي والاجتماعي. يعتمد التنسيق مع القوى الأمنية على الإجراءات التشغيلية الوطنية للعنف القائم على الأدوار الاجتماعية، التي أطلقتها المنظمة بالتعاون مع وزارة الشؤون الاجتماعية. تسهل المنظمة عملية الإبلاغ بسرية، وتقدم مرافقة قانونية للناجيات، بالتنسيق مع الجهات القضائية، كما تنفذ تدريبات للعناصر الأمنية لتعزيز قدراتهم في التعامل مع الناجيات بحساسية. علمًا أنه وبموازاة المساعدة التي تقدّمها الجمعيات والمنظمات التي تعنى بشؤون النساء المعنّفات، وفّر القانون 293/2014 حماية قانونية للنساء ضمن آلية موحّدة تضمن الحق باللجوء إلى القضاء في حالات العنف الأسري. فهذا القانون يؤمن الحماية للنساء وأفراد الأسرة من العنف من خلال إطار قانوني يشمل أنواعًا متعددة من العنف، مثل الجسدي والنفسي والجنسي والاقتصادي. ينص القانون على إصدار أوامر حماية فورية وتعزيز آليات التبليغ وضمان السرية، بالإضافة إلى فرض عقوبات صارمة على مرتكبي العنف، كما يركز على توفير خدمات الحماية والمساعدة القانونية والنفسية بالتعاون مع الجهات المختصة. إذن، ورغم وجود هذه الأُطر القانونية والأمنية لحماية النساء، تبقى المحاسبة على أرض الواقع خجولة، مما يُضعف الثقة بالقضاء ويمنع النساء من التبليغ. هذا الواقع يتطلب تطبيق القانون بشكل صارم وتوفير حماية أفضل للناجيات من العنف بعيدًا عن المحسوبيات السياسية والطائفية والعشائرية والعائلية، كما يستلزم مزيدًا من الشجاعة من قبل النساء للخروج من عباءة الذكورية والتبليغ عن أيّة ممارسات تُهين كرامتهن ⟶ مصدر مستقل يغطي أحدث الأخبار المحلية والدولية بشفافية وموضوعية. نحن نسعى لتقديم التطورات الهامة بأمانة . نحن نؤمن بأهمية الصحافة كركيز أساسي للديمقراطية، ونهدف إلى تزويد قرائنا بمعلومات دقيقة وموثوقة. نحن نلتزم بتقديم تقارير شاملة وتحليلات عميقة للقضايا المهمة، مع التركيز على التواصل مع مجتمعنا. شكرًا لثقتكم بنا، ونتطلع دائمًا لتقديم محتوى مميز يفيد الجميع.

Santosh Thakur

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى