مبروك لمن مات ومبروك لمن عاش

عيونه قد خلت تقريباً من الماء جفت وحل محلها الدماء ، يقول أرفع دائماً يدي إلى السماء فربي سيُقدِر هذا الوفاء . قررت أن أُضحي بجسدي كي تبقى روحي وأحمد الله أنها لم تهرب من جسدي حتى الآن وظلت صامدة مثلما هرب كل من حولى تركوني هنا وحيداً مع مجموعة من البشر الذين قد خلت ضمائرهم من معني كلمة إنسانية ، فقد مزقوا جسدي أمامي ولكن لم يستطيعوا تمزيق روحى ولكن تركوا فيها إرثاً من الحزن الذي لا ينقطع ، جُرح لا يُشفى وسوف لا يُشفى حتى أرى من فعلوا ذلك بي ومن مثلي يلقون ما يستحقونه من العقاب ، سواء رأيته بعيني الآن أو رأيته يوم الحساب. خرج الرجل من السجن ولكن حمل السجن داخله وتحرك به في كل مكان وقرر ألا يصمت عما حدث له ومَن كان معه من رجال ، رآهم بعينه يموتون ويتساقطون زهرة بعد زهرة ولكنه صمد إلي أن ذهب هناك مرة أخرى وهنا قد فَقَد الجسد القدرة على التحمل وقرر الجسد أن يرتاح ، ويغادر إلى مكان أفضل بكثير مما رآه . أحداث كثيرة جداً حدثت في السنوات الماضية في سوريا ومعارك دامية ومواجهات كثيرة ، لم تكن كافية لتُسقِط هذا النظام ولكنه سقط فجأة دون توقع من أحد ووسط ذهول مِنا جميعاً ولكن أعتقد أن الذهول قد ذهب عندما رأينا جميعاً كم العقول والأجساد التى تم تدميرها في السجون ، فقد كان هذا السقوط مدفوع الثمن ، قد دفعه هؤلاء مُسبقاً واختاروا الطريق الصعب ولم يختاروا حياة سهلة مثل باقي الناس . رحم الله ” مازن حمّادة ” وأمثاله ممن ضحوا بأنفسهم من أجل أن ترتفع كلمة الحق ويفوز من بعده بحياة آدمية فهو ومن مثلهم فائزون لا محالة في الآخرة .

محمد الشريف