ما حكم الرشوة في الاسلام ؟

ما حكم الرشوة في الاسلام ؟ نفيد بأن السعي في طلب الرزق وتحصيل المعاش واجب على الفرد والجماعة ، حتى يكون الانسان سعيداً في حياته . ومن أجل تحقيق هذه السعادة ، ومن اجل توفير الحياة الهنيئة الطيبة ارسل الله الرسل وانزل الكتب وشرع الشرائع ، رحمة بالخلق وتنظيماً للفرد والجماعة . لذلك حرم الاسلام تحريماً قاطعاً جميع طرائق لكسب غير المشروع ، وهي الطرائق التي تقوم على الرشوة أو الغش ، او اكل اموال الناس بالباطل ،او التحكم في : ” هذا لكم ، وهذه هدية اهديت لي ، فهلا جلس في بيت ابيه وبيت امه حتى تأتيه هديته إن كان صادقاً “. فوالله لا يأخذ أحدكم منها شيئاً بغير حقه الا جاء الله يحمله يوم القيامة . فإذن واجب الرؤساء السهر على مصلحة الامة ، فلا ينامون عنهم ولا يتركونهم يجمعون الثروات ويبتزون اموال المواطنين متخذين من وظائفهم أداة لذلك .ترى البعض من الموظفين يتولى احدهم عملاً وهو رقيق الحال ، فلا يلبث فترة عام او عامين حتى يصبح مكتنز المال ،متضخم الثراء . وفي تاريخ الدعوة أن النبي أقر يهود خيبر على الارض يعملون فيها مناصفة ، وارسل اليهم في نهاية العام رجلاً من أصحابه اسمه ” عبدالله ابن رواحة ” ليقدر نصيب المسلمين ونصيب اليهود في الثمار . فأراد اليهود كعادتهم أن يرشوه ليخون الأمانة ويقدر بالكذب ؛ ليأخذوا هم أكثر الثمر . فقال لهم ابن رواحة قولة المسلم الطاهر النقي التقي النظيف الذي لا يقبل الحرام : أترشونني ؟ والله لأنتم أبغض الي من القردة والخنازير . ولمحمد ، صلى الله تعالى عليه وءاله وسلم ، أحب إلي من نفسي التي بين جنبيه ، ومع ذلك لا يحملني حبي للنبي وبغضي لكم على ألا أعدل . فقد علمنا سيدنا رسول الله ، صلى الله تعالى عليه وءاله وسلم ، الإنصاف وربانا عليه في الإسلام . والله تعالى يقول : { ولا يجرمنكم شنئان قوم على الا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى }[ المائدة ] وهكذا رفض الصحابي الذي تخرج من مدرسة الاسلام الرشوة ، ورفض – في الوقت نفسه – في الوقت نفسه – الظلم ؛ لان الاسلام دين العفة والمروءة والشرف والعدل والإحسان في ضرورات الحياة ، ولن يقبل شيئاً ملتوياً سواء عن طريق الرشوة أو الظلم ، او عن طريق الربا والميسر – القمار – وغير ذلك من الطرق الملتوية غير السليمة في كسب المال أو القوت ، كما حرم الإسلام امتلاك ما ينجم عنها من كسب او مال . وقد طالبت الشرائع التي أوحى الله بها الى رسله وأنبيائه بالمحافظة علىأمور خمسة ، لا تستقيم حياة الفرد ولا حياة الجماعة ولا يسعد المجتمع الا باحترامها والمحافظة عليها . وهذه الضرورات الخمس هي : حفظ النفس ، وحفظ المال ، وحفظ العرض ، وحفظ الدين ، وحفظ العقل . ويعنينا منها الآن : حفظ المال . حرم الإسلام استغلال النفوذ والسلطان للحصول على المال ، وحرم امتلاك ما يأتي عن ذلك الطريق ، ولو جاء في صورة هدايا . روى الشيخان ؛ البخاري ومسلم بروايات متقاربة ، عن ابي حميد السمكري قال : استعمل رسول الله ، صلى الله تعالى عليه وءاله وسلم ، ابن اللتبية على صداقات بني سليم . فلما جاء الى النبي ، صلى الله تعالى عليه وءاله وسلم وحاسبه قال : هذا الذي لكم ، وهذه هدية أهديت لي . فقال رسول الله ، صلى الله تعالى عليه وءاله وسلم : ” فهلا جلست في بيت ابيك وبيت امك حتى تأتيك هديتك إن كنت صادقاً ” . ثم قام رسول الله ، صلى الله تعالى عليه وءاله وسلم ، فخطب الناس وحمد الله ، أما بعد : ” فإني استعمل رجالاً منكم على أمور مما ولاني الله ، فيأتي أحدكم فيقول : هذا لكم ، وهذه هدية أهديت لي ، فهلا جلس في بيت أبيه وبيت أمه حتى تأتيه هديته إن كان صادقاً “. وعلى هذه المبادئ يربي الإسلام أبناءه . والرشوة حرام ، وتشتد حرمتها إن ترتب عليها ضياع حق من الحقوق على صاحبه ، أو تقرير ظلم على مظلوم . والحرمة تشمل الراشي والمرتشي ، والوسيط بينهما . وفي حال تعذر وصول صاحب الحق الى حفه الا عن طريق الرشوة ، ولم يظفر بأي منفذ ءاخر من المنافذ المباحة ، فله أن يرشي من بيده الحق للضرورة بأكثر من قدرها . وفي هذا الحال ؛ الحرمة على المرتشي . والله تعالى أعلم .

المؤلف ؛ السيد قاسم الشماعي الرفاعي
الكاتب : لميس الرفاعي