ثقافة وفن

* الحب في عيون العاشقين *

سيدتي... يا من أبحرتِ في عينيّ
وغاصتْ في محيطات روحي
يا امرأةً لم تُخلق من طينٍ وماء
بل من عطرِ القصائد، ونورِ الفضاء

وهل عينيّ إلا أنتِ؟

عينايَ، يا سيدتي، ليستْ سوى مرايا تعكسُ نوركِ. كلُّ ضياءٍ فيهما هو من وميضِ روحكِ التي سكنتْ أركاني. لا أرى فيهما قنديلين، بل نافذتينِ تطلانِ على كوني الذي اختزلتهُ فيكِ. ففي كلِ نظرةٍ، أرى تدفقَ سري ووجودي، كيف لا وأنا وأنتِ صرنا كيانًا واحدًا؟

قدسيةٌ تتجاوزُ الأجساد

بينَ أنفاسنا، ترقصُ قدسيةُ اللحظةِ، تتلاقى فيها الأرواحُ قبلَ الأجسادِ، لا حاجةَ لنا بمنحِ الروحِ للروحِ أو الجسدِ للجسدِ، لأنّكِ أنا، وأنا أنتِ. هذا هو سرُّ الأزلِ، شوقنا باتَ كاهنًا في محرابِ العشقِ، يقدمُ القرابينَ لعشتارَ التي مضتْ تنثرُ الحبَّ في مروجِ اللاوعي، بينَ صدرينِ تفصلهُما بحارٌ، ويوحدُهما شاطئٌ واحدٌ.

صمتٌ يصرخُ بالعشق

صمتي الذي عهدتُه، ليسَ حقلَ ألغامٍ، بل هو صرخةُ عشقٍ مكتومةٍ، لا يدركها إلا من يغوصُ في مقلتَي الكونِ، حيثُ يستغيثُ الحبُّ لقاءَ السحبِ. أكلتُ القشورَ قشرةً قشرةً، لأبعثَ إليكِ رسائلي التي تخترقُ شفاهَ الوعي. نختطفُ لحظاتٍ من أعمارنا المحتومةِ بالفناءِ، نرخي فيها رحالنا في حاناتِ العشقِ، نقطفُ من الذكرياتِ ما يسقينا العمرَ.

غرقٌ في المطلق

نعم يا رفيقةَ القصيدةِ، في نظراتِنا قوةٌ عجيبةٌ تغرقني في سراديبكِ السحيقةِ، وأعماقكِ المتجذرةِ في بُعدٍ ضائعٍ، حيثُ أضيعُ بكلِ رضا. جمالهما يملأُ كفتيَّ صمتًا بليغًا، كبلاغةِ الحروفِ في محرابِ قصائدي. كلما أمعنتُ الضياعَ في عينيكِ، أدركتُ أنني أستسلمُ لغرقٍ محتومٍ في روحكِ، هُيامًا يهذي بيننا في دربٍ نهايتهُ الانصهارُ في المطلقِ، حيثُ تتلاشى الحدودُ بينَ الأنا والآخرِ. ليبقى الحبُّ وحدَهُ، لغةَ الترجمةِ والفهمِ لقدرنا المجهولِ عبرَ الزمانِ والوجودِ.

فهل بعدَ هذا الغرقِ الجميلِ يا سيدتي، من عودةٍ إلى الشاطئ؟

همام حسين علي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى