مقالات

الثقة

ان تكون محل ثقة هي نعمة أكبر بكثير من ان تكون محبوباً فقط …نجيب محفوظ………. ساسرد قصة كنا نسمعها ونحن صغار عندما كنا نزور الشام. وهذه القصة فخر لاهل الشام وكانت تتردد في كثير من البلدان . في سوق دمشقي اسمه سوق مدحت باشا سابقاً والآن يسمى بالسوق الطويل . كانت العادة يومها ان توضع الامانات من اموال وذهب في هذا السوق وفي اي دكان . يغادر صاحب الامانة الى الحج وفي طريق عودته يسترجع امانته ويعود الى بلده . جاء رجل من خارج الشام ومعه صرة حمراء ودخل احد الدكاكين ووضع امانته ليستردها حين عودته من الحج . وافق صاحب الدكان بشرط ان يتأكد من نوع وقيمة الامانة . فكان المبلغ ثلاثة آآلاف درهم. ثم غادر صاحب الامانة الى زيارة بيت الله الحرام . وبعد الحج وبعد مرور عدة اشهر عاد الحج الى الشام وقصد الدكان حيث الامانة موجودة.دخل والقى التحية وسأل عن صاحب المحل فاجابه احد العمال انه في طريق العودة من بيته . جلس وانتظره لحين عودته ثم طلب استرداد الامانة . وصار يسأله كم المبلغ ؟ اجابه : ثلاثماية درهم . ما اسمك؟ قال فلان …… الن تتذكرني ؟ في اي يوم اودعت امانتك ؟في اليوم الفلاني….ارتاب الحج من كل هذه الاسئلة ثم اكمل بسؤال آخر ما لون الصرة ؟ هي حمراء . امر العامل باحضار غذاء له وطلب من الحج الجلوس واستأذنه بالخروج بغرض ان عنده امر مهم عليه انهاؤه وقال انه لن يتأخر . وفعلا بعد مضي وقت من الزمن حضر صاحب الدكان حاملا معه صرة حمراء وفيها مبلغ المال . تأكد الحج من المبلغ وشكره وانصرف . لكن المفاجأة كانت وهو يمشي في السوق اذ به يتعرف على الدكان وصاحب الدكان حيث وضع الامانة . اقترب وتأكد من صاحب المحل فدخل وسلم عليه فاجابه تقبل الله منك طاعاتك والحمد لله على سلامتك .ثم اتى بالصرة الحمراء وسلمه اياها . هنا اصيب الحج بالدهشة وقص عليه ما حصل معه في دكان جاره عندما اخطأ في الدكان . وبعد ان أخذ منه الامانة ذهبوا عند الجار ولاموه كيف يعطي امانة والحج لم يضعها عندك . فكان رده صاعقاً ، والله اعلم اني لم استلم منه امانة ولم اره بحياتي ولم يضع عندي شيء .لكن فكرت في انه غريب عن الشام وثقته بكلامه كانت قوية فارتأيت ان اؤمن له الامانة حتى لا اكسر بخاطره ويقولون ان امانته سرقت في الشام.ويذاع صيتنا في البلاد. ويا ليتكم تعلمون كيف دبر هذا المبلغ . لقد باع بضاعة بقيمة الف درهم واستدان من جاره الف وخمسمائة درهم وكان في جيبه خمسماية درهم . هكذا اكمل المبلغ وسلم الامانة التي لم يستلمها أصلاً . فسبحان الله هذا الرجل خاف على سمعة بلده فتصرف هكذا . سؤالي : اين نحن اليوم من هذا كله ؟ اين نحن اليوم من مخافة الله سبحانه وتعالى؟ اين نحن اليوم من خوفنا على سمعة بلدنا او وطننا ؟ اين نحن اليوم من المحافظة على كلام الثقة والشرف والمحافظة على الامانات ؟ وعلى ذكر الامانات حادثة حصلت فعلا وليست قصة . لقد اتفق الاخ المقيم في الغربة مع اخيه المقيم في بلدهم على ان يرسل كل شهر مبلغاً من المال ليشتري له اخوه شقة . وهكذا كان الاخ المغترب يرسل الفلوس والاخ المقيم يقبض حتى اشترى الشقة . وعندما حضر الاخ وطلب ان يرى شقته قال له نعم ارسلت فلوس نعم اشتريت شقة لكنك لم تقل لمن الشقة فكتبتها باسمي وليس لك عندي لا مال ولا شقة . للاسف الشديد قصة محزنة لكن الواقع المرير اشد حزناً والماً على صاحبه الذي خسر ما ادخر من الفلوس ليجد مأوى له ولعائلته لكن الاخ الطماع خذله وكسر بخاطره وخاصة انها حصلت من اخيه الذي هم من امه وابيه . فيا صاحب الهم لا تيأس فان الله فارجها .

الدكتورة لميس الرفاعي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى