الدبلوماسية مهنة المتاعب
الدكتور : محمد العبادي
الدبلوماسية مهنة المتاعب
هناك العدد من المهن الإنسانية التي عرفتها البشرية على مر العصور ، ولعل من أقدمها مهنة الدبلوماسية التي ترجع بجذورها إلى فجر التاريخ ، فلقد عرف الإنسان القديم وساكني الكهوف هذه المهنة وأن المصلحة المشتركة لهم للتفاهم مع باقي القبائل او المجموعات الأخرى من خلال مبعوث للتفاوض ، مع ان هذا المبعوث يكون من علية القوم إلا أنه لم يكن يتمتع بالمكانة المناسبة والمحترمة لدى المرسل إليهم ،حيث كان يتعرض للعنف احيانا وللقتل احيانا أخرى، مما دفع بعض أصحاب العقول والمفكرين إلى استحداث صيغ تحمي هذا المبعوث وتصون كرامته تحت مسمى الحصانة الدبلوماسية.تطورت المهنة مع تطور الزمان وأيضا لم تسلم المهنة من سوء الفهم وسوء التقدير ولم تتغير معاملة الدبلوماسي حتى عام (1815) في مؤتمر “فينا” حيث ارتقت هذه المهنة سلم المجد وحازت على المكانة العالمية المحترمة. وعلى الرغم من كل هذه الجهود والمساعي للسمو بهذه المهنة لازالت تتعرض في هذا الزمن الحديث إلى النقد حتى وصفوها بأنها فن غامض يخفي في طياته المراوغة والمخادعة والكذب احيانا للوصول إلى الغاية المنشودة ، مع ان كل ذلك ليس بقاعدة يمكننا الاستناد عليها فهناك الكثير من العاملين بالحقل الدبلوماسي وصفوا على أنهم نصحاء وخبراء وصادقون وهم أيضا قد يكونون من صانعي السياسات الناجحة ومدعمين لروابط التنمية والمصالح المشتركة بين الدول.إذا الدبلوماسي اليوم هو رجل عالمٌ بالسياسة و اروقتها والاقتصاد ومداخله، وهو أيضا مروج لسلع دولته ورجل علاقات عامة ، فتارة يستخدم سلم الثقافة ، واخرى سلم الفن للوصول إلى أهدافه التي يسعى إليها ، إذاً هو رجع قادر على تطويع وتسخير كل المهارات للوصل إلى أهدافة السياسية حتى اُطلق على الدبلوماسي الناجح (الثعلب).ولذلك استوجبت المهنة في عصرنا هذا إلى تلمذة مبكرة وتكريساً دائماً ، حيث يتم انتقاء أصحاب العقول المهنية المدربة والقادرة على تخفيف حدة التوتر في العلاقات الدولية ذو ذكاء وفطنة، وعليه ان يتمتع بالفهم العميق للسياسات وأنواع الحياة الاجتماعية لمعظم المجتمعات المحيطة بدولته والتي ترتبط معها بعلاقات دولية ، أو دول اخرى تسعى لبناء علاقات مستقبلية معها.