*إمرأة وقلب .. وحوار في الحب*

يا نَسمةً تعرفُ سرَّ الأزهارْ، أتيتِ… كقطرةِ ندىً سقطتْ على تعبِ أياميَ القاحلةْ، وأنا… كنتُ أُحصيَ خيباتيَ بهدوءٍ يليقُ بمنْ لا ينتظرُ شيئًا. ظننتُ أنّيَ أتقنُ لغةَ الصمتِ تمامًا، وأنَّ الوحدةَ وطنيَ الذي لا أُغادرُهُ أبدًا. قلتِ شيئًا… لمْ يكنْ صوتًا عالياً، بلْ همسًا أيقظَ الفراشاتِ في روحيَ النائمةْ. وأنا الذي بنيتُ أسواريَ منْ سكينةٍ زائفةٍ، جاءَ صوتُكِ ليهدّئَ السكينةَ نفسَها… ويُعلّمنيَ معنى الطمأنينةِ الحقيقيةْ. ما بداَ لكِ بُعدًا، لمْ يكنْ خوفًا منْكِ، لا يا سيدتي، بلْ كانَ رِقّةَ فنانٍ يخشى أنْ يُفسدَ لوحةً مُكتملةً بلمسةٍ ناقصةْ. ما حسبتِهِ تردّدًا، كانَ فقطْ محاولةً لترتيبِ فوضايَ الداخليةِ، كي أستحقَّ الوقوفَ بسلامٍ على أرضِكِ الهادئةْ. أراكِ… لا كسؤالٍ صعبٍ يبحثُ عنْ إجابةْ، بلْ كإجابةٍ ناعمةٍ تُبطلُ كلَّ الأسئلةْ. لا كمرآةٍ قاسيةٍ، بلْ كبحيرةٍ صافيةٍ تعكسُ نقاءَ السماءِ دونَ أنْ تُطالبَ السحابَ بالبقاءْ. لا كصوتٍ يُنافسُ الضجيجَ، بلْ كصمتٍ عميقٍ يجعلُ كلَّ الأصواتِ الأخرى تبدو سطحيةْ. لنْ أقتربَ منكِ كمغامرٍ يبحثُ عنْ كنزٍ في أرضٍ مجهولةٍ، لأنيَ أؤمنُ أنّيَ الكنزُ الذي كانَ يبحثُ عنْ سكينتِهِ في عينيكِ. لنْ أنحتَ لكِ صورةً في خياليَ، لأنَّ صورتَكِ محفورةٌ على أولِ نبضٍ لقلبيَ الذي عرفَ الحبْ. المعرفةُ بكِ… ليستْ بفكِّ شفرةٍ معقّدةٍ، بلْ بتركِ القلبِ ينامُ آمناً في حقلٍ تعرفينَهُ أنتِ وحدَكِ. هيَ أنْ أُحبَّ هدوءَكِ… بكلِّ ما تبقّى فيّ منْ ضجيجٍ لمْ تُروضْهُ الأيامْ، أنْ ألتقيَ بسكينتِكِ… بكلِّ رعشةٍ في يديَ تبحثُ عنْ دِفءْ. ولهذا اللقاءِ الذي يُشبهُ عودةَ الروحِ إلى جسدِها، جئتُ… بقلبٍ أرهقَهُ البحثُ عنْ وطنٍ، وبعينٍ تتعلّمُ لأولِ مرةٍ كيفَ ترى الجمالَ دونَ خوفٍ منْ زوالِهِ. جئتُ… لا لأُفسّرَ معنىً… بلْ لأعيشَ إحساسًا. أنا هنا… بكُلِّ ما تعلّمتُهُ منْ رِقّةٍ على دروبِ العمرْ، أقفُ أمامَكِ… لا كقوّةٍ تُقابلُ قوّةً… بلْ كروحٍ تَتنفّسُ أمامَ روحْ. فلنلتقِ في المساحةِ الهادئةِ التي لا تحتاجُ لغةً… ولا تحتاجُ تفسيرْ… فقطْ… تحتاجُ قلبينِ يعرفانِ كيفَ يُحِبّانِ بهدوءٍ يليقُ بكِ… ويليقُ بيَ حينَ أكونُ معكِ.

قتيبة حسين علي