أخبار العالم

عندما يكون العراق اكبر الهموم

لماذا يهدد العراق في وحدته، وهو دولة عربية مركزية وله ثقله الإستراتيجي والتاريخي، وهو أحد أعمدة التجربة القومية في العالم العربي في التاريخ العربي المعاصر؟!… لا شك أن أعداء العراق من مصلحتهم تفتيت مجتمعاتنا وتدمير وحدتنا الوطنية، ولكن من الخطأ القاتل أن نحمل أعدائنا كل الثغرات ونقاط الضعف في مشروع البناء الداخلي للوحدة الوطنية … إننا جميعا معنيون بإثارة هذه الأسئلة، والبحث عن إجابات دقيقة وصريحة وممارسة النقد المطلوب لكل التجارب السياسية، التي لم تثبت بشكل أو بآخر وحدتنا الوطنية، ولم تعمق وتجذر عوامل الائتلاف الوطني وعدم قدرتها على مواجهة التحديات وهذا هو مااريد توضيحه.. مجتمعنا متعدد الاعراق والمذاهب،ولا يمكن أن يكون معنى الوحدة الوطنية هو نفي بعض القوميات أو الأديان أو المذاهب فكيف نخلق وحدة وطنية في ظل هذه التعدديات والتنوعات؟ فكل التعدديات في العراق، تعتز بعراقها، ولها رؤيتها للوحدة الوطنية وفق منظورها الخاص … لعل من الأخطاء الكبرى التي ارتكبت في العراق ولسنين طويلة، هو ممارسة القهر والاستبداد والقمع لتعميم رؤية واحدة وضيقة للوحدة ، ولقد رأينا جميعاََ نتيجة هذه الرؤية وهذا الخيار،أن عراقنا مهدد في وحدته وتلاحمه الوطني وعبر التاريخ … من خلال ذلك يجب علينا ضرورة العمل على صوغ علاقة ثقافية وسياسية بين مختلف المدارس والتعدديات الفكرية والقومية والمذهبية الموجودة في المجتمع والوطن، ولعلنا لا نأت بجديد حين نقول: إن التعدد بكل مستوياته وأشكاله في الوطن الواحد ينبغي أن لا يشرع بأي حال من الأحوال إلى ممارسة الطائفية أو العنصرية ضد بعضنا البعض، بحيث يكون الانتماء القومي أو المذهبي، هو الذي يحدد مستقبل المواطن… فالممارسات الطائفية أو العنصرية في أي تجربة اجتماعية، هي التي تدق إسفينا عميقا في مشروع البناء الوطني، حيث أنها تساهم مساهمة كبرى في تفتيت المجتمع وخلق الأحقاد بين أبناء الوطن الواحد… لذلك فإن فريضة الوحدة الاجتماعية والوطنية، بحاجة ملحة اليوم، إلى الوقوف بحزم ضد كل أشكال التمييز وبث الكراهية بين أبناء المجتمع الواحد، فالكراهية لا تفضي إلى الاستقرار، بل إلى التفتت والتشظي،لاعتبارات آنية لا يؤدي إلى الوحدة، بل على العكس من ذلك تماما، حيث أنه يهيء المناخ لبروز كل العوامل المضادة لها،ولا يمكن أن نبني علاقة سوية بين أبناء الوطن الواحد، إلا بنقد ومنع كل أشكال التفاضل والتمييز بين أبناء شعبنا… وبصرف النظر عن عوامل التفاضل وموضوعاته، لا يصح أن نمارس التمييز المقيت ضد بعضنا البعض، لأن هذا التمييز هو الذي يدخلنا في أتون الضياع والصراع المفتوح على كل الاحتمالات والمخاطر… إن شعبنا اليوم، يدفع ثمن تلك الرؤية والنظرية القومية الشوفينية، التي تعاملت مع تعددية المجتمع العراقي بعقلية الإقصاء والقمع في كل مراحل تاريخ العراق… الوحدة الوطنية في عراقنا الحبيب لا تصان بالنظريات الشوفينية أو تصورات الاصطفاف لاعتبارات ترابية أو مذهبيه أو عرقيه، وإنما تصان باحترام هذه التعدديات، وصياغة نظام علاقة بين مختلف المكونات قائمة على الوحدة والحوار والتفاهم وتنمية المساحات المشتركة، والوفاق الوطني يتطلب دائما العمل على إنهاء كل العناصر والمفردات الثقافية والدينية والإعلامية، التي تؤسس للكراهية، وتشجع على عملية التهميش على قاعدة قومية أو دينية أو مذهبية لذلك فإن احترام هذا التعدد يعني حمايته. لأنه نتاج الحوار والبحث المضني والمتواصل عن الحقيقة… حينما نطالب بحماية التعدد والتنوع في الدائرة الوطنية، فإننا نقصد حماية تلك القيم والمبادئ التي أنتجت ثراءً فقهيا وفكريا وعلميا في التجربة التاريخية … ولا يمكن أن نفصل ظاهرة تعدد المدارس الاجتهادية والفقهية في تجربتنا التاريخية عن قيم الحوار والاعتراف بالآخر وجوداََ ورأيا، ووجود المناخ الاجتماعي المؤاتي للاجتهاد بعيدا عن ضغوطات السياسة أو مسبقات التاريخ… إزالة كل الحواجز والعوامل التي تحول دون التواصل الفعال بين مختلف المدارس الفقهية والمذهبية أصبحت حاجة ملحة لأنها الأساس في الوحدة الوطنية … المواطنة اخواني الأعزاء لا تقتضي بأي حال من الأحوال أن تندثر خصوصيات الأفراد، بل إنها تقتضي صياغة منظومة قانونية وسياسية لجميع المواطنين على قاعدة الاعتراف بتلك الخصوصيات، والتعامل الإيجابي والحضاري مع متطلبات التعدد والتنوع بمختلف أشكاله ومستوياته… والتعدد المذهبي أو القومي ليس حالة مضادة للمواطنة، بل هو الجذر الثقافي والاجتماعي لبناء مواطنة حقيقية بعيدا عن الشعارات الشوفينية واليافطات الشعبوية والعدمية… احترام التعدد المذهبي وحمايته القانونية والسياسية، هو الذي يوجد الشروط المجتمعية الحقيقية لبناء مواطنة متساوية في مجتمع متعدد مذهبيا وعرقياََ وثقافياََ… وفيما ورد انفا اوكد على ضرورة الخروج من دوائر الانتماء الضيقة إلى رحاب الوطن والمواطنة، ونعمل كل من موقعه وإمكاناته لتعزيز الوحدة الوطنية، وتجاوز كل ما يعكر صفو الوئام الداخلي… أما عن التعامل الدبلوماسي مع واشنطن والاتحاد الأوروبي وحتى بعض دول الشرق الأوسط علينا اتباع مايلي : . يجب علينا مغادرة سياسة القاء العبء وتفريغ الاحمال في الهروب من مسؤولية الادارة السياسية الحقيقية للدولة التي انتهجها الساسة العراقيون … . على القوى السياسية إعادة قناعاتها في فهم النظريات السياسية الحاكمة للبلدان القائمة على المصالح العليا للعراق والعلاقات الاستراتيجية التي تحقق مبدأ التوازن والندية لا التبعية لهذه الدولة او تلك وتبدأ بالمراجعة واولى خطواتها ان تزيل تلك القوى تحفظاتها اتجاه الشخصيات الوطنية خصوصا وتلك التي خرجت واياهم من رحم واحد !!… . اليوم نحن بحاجة إلى سياسة خارجية أكثر ذكاءً فالبلد يواجه تحديات معقدة تتطلب قدرة تفاوضية عالية مع القوى الكبرى وهو ما تفتقر إليه الحكومة الحالية بسبب غياب القنوات الفعّالة مع واشنطن والاتحاد الأوروبي وحتى بعض دول الشرق الأوسط

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى